
فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني،
في وطنٍ عُرف منذ ميلاده بأنه منارة للعلم، وحارس للهوية، وملاذٌ للمعرفة؛ تتألق المعاهد الجهوية لوزارة الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي، ثماني قلاعٍ مباركة تنتشر في جسد الجمهورية لتضيء أطرافه: سيلبابي، بوكي، بوتلميت، نواذيبو، بورات، كيهيدي، شنقيط، كيفة.
غير أنّ هذه النجوم الساطعة لم تكن لتضيء لولا الطواقم التي حملت رسالتها بصبرٍ وجَلَد؛ أساتذة وإداريون، نذروا أعمارهم لتربية الأجيال، وسهروا على بناء عقول فتية تحمل نور القرآن، وألق اللغة، وبهاء الأخلاق. لقد كانوا ـ بحق ـ جنود الخفاء، يزرعون في صمت، ويحصد الوطن بفضلهم مجداً وعزاً.
ولعلّ النجاحات الباهرة التي حققتها هذه المعاهد في باكلوريا 2025 خير شاهدٍ على جهدهم وإخلاصهم؛ فقد حصد أبناؤها نتائج مشرقة، جعلت من هذه المؤسسات في طليعة مؤسسات التعليم الوطني، وأكدت أن التعليم الأصيل قادرٌ على الجمع بين الأصالة والمعاصرة، إذا ما وجد الرعاية والوفاء.
فخامة الرئيس،
إنّ هؤلاء الأساتذة والإداريين، وهم يسطرون الإنجازات بصبرٍ وتضحية، ما يزالون ينتظرون من دولتكم الموقرة قرارًا تاريخيًا: ترسيم الطواقم التربوية والإدارية لهذه المعاهد، اعترافًا بجهودهم، وتثبيتًا لمكانتهم، وإنصافًا لتضحياتهم. فالترسيم ليس مطلبًا شخصيًا ولا امتيازًا مصلحيًا، بل هو وفاءٌ من الدولة لحماة رسالتها الروحية، وحراس هويتها الأخلاقية، ومؤسسي مستقبلها العلمي.
أنتم، يا فخامة الرئيس، عُرف عنكم صدق العهد وسمو الرؤية؛ وقد رسختم في وجدان الشعب صورة القائد الذي لا يترك جهدًا دون تقدير، ولا تضحية دون تكريم. وإنّ أبناء هذه الطواقم يتطلعون إلى أن يكون عهدكم علامة فارقة، تُعيد الاعتبار لهم، وتمنحهم الاستقرار والكرامة التي يستحقونها.
فليكن قرار ترسيم الطواقم التربوية والإدارية للمعاهد الجهوية بصمة بيضاء في عهدكم، ودليلاً على أنكم لم تغفلوا عن جنود العلم الصامتين، ولم تنسوا أن بناء الدولة يبدأ من قاعات الدرس ومكاتب الإدارة، حيث يكتب مستقبل الوطن بأيدٍ صابرة مخلصة.
إنهم ليسوا مجرد موظفين، بل حملة مشاعل، وحُرّاس هوية، ورسل علم. ومن هنا، فإن ندائي إليكم يا فخامة الرئيس ليس رجاءً عابرًا، بل نداء وفاء للعلم وأهله، واستنهاضٌ لضمير الجمهورية كي تُكمل مسيرتها في تكريم من يستحقون التكريم.
* محمد يحفظ دهمد