دَعُوا عَنْكُمْ يَوْمَ 28 نُفَمْبَرْ فَإِنَّهُ مَجِيدٌ بريء..

اثنين, 11/23/2015 - 20:58

فِي الحقيقة لا يمثل يوم 28 نفمبر عيد استقلالنا الوطني فحسب، بل يمثل عيد تأسيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية واقعا وقانونا، كأول دولة وطنية على الأرض التي عاش عليها أجدادنا وآباؤنا، فقبل هذا التاريخ لم يكن للدولة التي ننتمي لها اليوم ونحمل جنسيتها وجود..
صحيح أن استقلالنا التأسيسي تم بموافقة ومساندة فرنسا، التي كانت تستعمر الأرض والسكان منذ عقود، وفي ظروف تختلف عن الظروف التي نالت فيها دول عديدة استقلالها..
لكن الدول التي تختلف ظروف استقلالنا عن ظروف استقلالها، لها من التاريخ مع السلطة والحكم المركزي، والوضع الاجتماعي والاقتصادي ما ليس لنا، ويقفز بعضنا على هذه الحقائق، ويحاكم ظروف تأسيس دولتنا بمنطق آخر لا ينطبق على حالنا..
ومع ذلك فإن الظروف التي نشأت فيها الدولة الموريتانية ونالت فيها استقلالها تتطابق تماما مع ظروف استقلت فيها دول أخرى عديدة في الجوار الإفريقي، وفي المنطقة العربية، ولم يقدح ذلك عند نخبها في رمزية ذكرى استقلالها..
يمكن بمنطقنا اليوم القول بأن جيل تأسيس موريتانيا قبلوا بتأسيس ناقص السيادة مبدئيا، وهذا قول له وجاهته، لكن القول بأن وضع البلاد وقتها سكانيا واقتصاديا وسياسيا كان يمكن معه فرض استقلال بالقوة قول بعيد عن المنطق السليم..
لقد تعزز الاستقلال تدريجيا على أيدي جيل التأسيس، ولا مناكفة في ذلك، وبَانَ أن مشروع موريتانيا الذي تبنوه ودافعوا عنه في مواجهة المشككين يمكن أن يعيش وأن يصمد "على درب التحديات" وصَدَّقهم الزمن والواقع والتاريخ فاستحقوا مع 28 نفمبر التمجيد، رغم المآخذ..
يأخذ فريق منا على 28 نفمبر أنه يؤرخ لمجرد استقلال صوري، ويغمزون في رمزيته، ومجده، وينسون أنهم اليوم في دولة نفمبر، وأن عيب الدار على من بقي بها لا على من رحل..
يأخذ فريق منا آخر على 28 نفمبر أن بعض الأنظمة التي حكمت بلادنا ارتكبت في يومه فظائع وانتهاكات مسيئة للوطن والسيادة، كالإعدامات خارج القانون، وتسليم أبناء الوطن خرقا للدستور خارجه، ويتخذون من ذلك ذريعة للغمز في رمزية اليوم، والواقع أن ارتكاب تلك الفظائع والانتهاكات في يوم 28 نفمبر يسيء إلى الجُناة لا إلى اليوم الوطني، ويُعظم ذنوبهم تلك، ذلك أن هذا اليوم ظرف زماني وطني مجيد يَعظُم به الفعل المسيء للوطن بعظم الزمان، ويبقى زمان 28 نفمبر بريئا..
إِنَّ غضبنا من تلك الأفعال الوقحة المسيئة للوطن التي انتهكت حرمة نهار يومنا الوطني يجب أن يتبع ويَلْعَنَ إلى آخر الدهر مرتكبيها، ويترك لنا يوم 28 نفمبر نقيا مجيدا بريئا كيوم ولدنا فيه..

 

القاضي أحمد ولد عبد الله المصطفى

 

 

 

تصفح أيضا...