إلى الروح الخالدة، شاعر العراق العظيم عبد الرزاق عبد الواحد كتبت:
من أطفأ النورَ؟ كيفَ النورُ يُحتضرُ؟
وكيفَ هزَّكِ يا بغدادنا الخبرُ؟
يا نورَ بغدادَ للدنيا وصورتَها
للعالمينَ وفاءً رغمَ من غَدَرُوا
قد عشتَ نوراً، ونوراً غِبْتَ عن غَدِنا
لمنْ سِواكَ سيُفْشِي سِرَّهُ الخَضِرُ؟
تلكَ السَّفينةُ لم يُعْبَثْ بها عَبَثاً
خِيفَ العراقُ فعَاثُوا فيهِ ما ادَّكَرُوا
وأنتَ وحدَكَ مكْشُوفاً وقَفْتَ لهمْ
تسْتَلُّ شِعْرَكَ منْ مَنْفاه.. تَنْتَصِرُ
غَنَّيْتَ صبْرَكَ، بلْ صبرَ العراقِ بِناَ
وأدتَ صَمْتَكَ مُذْ لاحَتْ لَكَ النُّذُرُ
ذاكَ الغُلامُ الذي شاهدتَ غِيلَتَهُ
ما عَقَّ، لو عَقَّ ما كانوا به مَكَرُوا
ذاكَ الغلامُ العِرَاقِيُّ الهَوَى قَبَسٌ
من نارِ سُومرَ حيثُ النور يخْتمرُ
وأنتَ تَرْثِيهِ مُنْكَباًّ على جَدَثٍ
رطْبٍ تَحِيكُ بهِ عُذْراً وتنفطرُ
لا تعْتَذِرْ لغُلامٍ لسْتَ قَاتِلَهُ
دعْ عِشْقَهُ لعِراقِ المجْدِ يعْتَذِرُ
أمَّا الجدارُ فلنْ يَنْقَضَّ.. كيفَ لَهُ؟
وقدْ تمازجَ فيهِ الغَضُّ والكِبَرُ
هو العراقُ الذي ما شاخَ من زمنٍ
فكُلُّ قرْنٍ لمتْنِ الحسْنِ مُخْتَصَرُ
وأنتَ صيَّرْتَهُ مبْكىً وأغنيةً
للماكثينَ وترياقاً لمنْ هَجَرُوا
أناَ وشعرُكَ نبْكي يُتْمَنا قلقا ً
منذُ انْطَفأتَ.. ويبْكي خَلفَنا القدَرُ
متى سنَكْبُرُ؟ هل للكنزِ متَّسَعٌ
تحتَ الجِدارِ؟ وكمْ عُمْراً سننتظرُ؟
لم نستطعْ.. صبرُنا هشٌّ، وتُهْمتُنا
أنَّا عَشِقْناَ عِراقاً عِشْقُهُ غَرَرُ
لا تُطْفِئ النورَ.. حاولْ أن تُعَاقِبَناَ
إلاَّ بِموْتِكَ لا تحفلْ بمنْ عَبروا
يا سادنَ النُّورِ لمْ ترحَلْ.. رحلتَ بِنَا
إلى حُضُورِكَ فارحمْ ضعْفَ منْ حَضَرُوا
يا سيدَ الحرفِ لمْ ترْحلْ.. رحَلتُ أناَ
إلى غيابكَ.. عَلَّ الموتَ يَنْكَسِرُ
من صفحة الكاتب على الفيس بوك